الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

الإنصات أول مهارة تربوية حقيقية

 





يُعد الإنصات من أهم أساسيات التربية السليمة، لكنه من أكثر المهارات التي يتم إهمالها داخل الأسرة. كثير من الآباء يركّزون على توجيه الطفل وإعطائه الأوامر، دون منحه فرصة للتعبير عمّا يشعر به. بينما الحقيقة أن الطفل يحتاج إلى من يسمعه قبل أن يطلب منه أن يسمع.

الإنصات في التربية لا يعني فقط سماع الكلمات، بل الانتباه لمشاعر الطفل وفهم ما يحاول قوله. فالطفل أحيانًا لا يعرف كيف يعبّر عن مشاعره بشكل واضح، فيظهر ذلك من خلال سلوكه، مثل الغضب أو البكاء أو العناد. عندما ينصت المربي بهدوء، يصبح من السهل فهم سبب هذا السلوك بدل الاكتفاء بعقابه.

الطفل الذي يشعر أن والديه ينصتان إليه يكتسب شعورًا بالأمان والثقة. هذا الشعور يجعله أكثر هدوءًا، وأكثر استعدادًا للتعاون. كما أن الإنصات يقوّي العلاقة بين الطفل والمربي، ويجعل التواصل اليومي أبسط وأكثر وضوحًا.

كما يساعد الإنصات على تقليل المشكلات السلوكية. كثير من تصرفات الأطفال تكون مجرد وسيلة للفت الانتباه. وعندما يجد الطفل من يسمعه باهتمام، تقل حاجته للتصرف بطريقة سلبية. الإنصات هنا يصبح وسيلة فعّالة للوقاية من المشكلات قبل حدوثها.

الإنصات يعلّم الطفل مهارات مهمة للحياة، مثل التعبير عن الرأي، واحترام الحوار، وفهم مشاعر الآخرين. الطفل الذي يُستمع إليه يتعلّم بدوره كيف يستمع، مما ينعكس إيجابًا على علاقاته داخل المدرسة وخارجها.

من المهم التمييز بين الإنصات وتلبية جميع الطلبات. فالإنصات لا يعني الموافقة دائمًا، بل يعني الفهم أولًا ثم التوجيه. يمكن للمربي أن يضع حدودًا واضحة بعد أن يستمع للطفل، بطريقة هادئة تحافظ على الاحترام المتبادل.

في ظل الانشغال اليومي وكثرة المشتتات، يصبح تخصيص وقت للإنصات أمرًا ضروريًا. بضع دقائق يوميًا دون هاتف أو انشغال كفيلة بإحداث فرق كبير في نفسية الطفل وسلوكه.


الإنصات هو الخطوة الأولى في التربية الإيجابية، وهو الأساس لبناء علاقة صحية مع الطفل. عندما يشعر الطفل أنه مسموع ومفهوم، ينمو بثقة وهدوء. ولهذا، يبقى الإنصات أول مهارة تربوية حقيقية لا غنى عنها في أي أسرة.


التالي
This is the most recent post.
رسالة أقدم
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: الإنصات أول مهارة تربوية حقيقية Rating: 5 Reviewed By: FATMAHSA